02 , مايو 2024

القطيف اليوم

التفكير النمطي كمعوق لعملية الإبداع  

من المفارقات العجيبة التي نجدها عند البعض أنه يمتلك أحدث جهاز جوال أو جهاز حاسوب ويسعى إلى اقتناء كل ما هو مستحدث في عالم التكنولوجيا لكنه يرفض التخلي عن معتقد أو فكرة ترسخت في ذهنه منذ مئات السنين، وربما لم تعد ملائمة للزمن الحاضر وذلك بسبب التفكير التقليدي الذي يتبعه الشخص أو الأشخاص اعتمادًا على الأفكار الموروثة من عادات وتقاليد في إطار معين ووفق قوالب مسبقة مما يجعل الفرد يخشى الخروج عن الإطار العام للجماعة خاصة جماعته الأولى الأسرة حتى لا يفقد استحسانها والخوف من توجيه النقد له وبالتالي يكون من الصعب التخلي عنها أو كسر قوالبها النمطية وتقديسها حتى وإن كانت غير مجدية ورغم أن الكثير من الأفكار والمعتقدات تغيرت عما كانت عليه في السابق وبشكل فارق وذلك بفضل النهضة العمرانية والتغير الثقافي الذي شهدته بلادنا الحبيبة وتحقيق أهداف رؤية 2030 وارتفاع نسبة الوعي بين الأفراد على جميع المستويات إلا أنه مازالت هناك بعض الأفكار التي تحتل حيزًا عند البعض فعلى سبيل الأمثلة لا الحصر:

1- النظرة الدونية لبعض الأعمال الحرفية كالزراعة والسباكة والنجارة على أنها أقل شأنًا ومكانة في المجتمع رغم أهميتها البارزة وإن تقلصت النظرة تجاهها إلا أن أغلب المهن لاتزال تعتمد على العمالة الوافدة.

2- النظرة للنساء على أنهن ناقصات عقل وتبعيات التعامل معهن على أساس هذا المبدأ رغم كل التكريم الذي حظين به في المنهج الإسلامي.

3- مع أن المال عصب الحياة والعامل الأساسي في الاقتصاد والنهوض بالمجتمعات إلا أن البعض ينظر له من الجانب السلبي فقط وأنه مصدر للشرور والآثام.

4- النظرة للأمراض النفسية وبعض الإعاقات على أنها مصدر خجل للعائلة ويجب التكتم عليها.

5- نظرة المجتمع للمرأة المطلقة، وأنه يجب الحذر منها فمهمتها بعد الانفصال هي اختطاف الرجال وتشتيت العوائل خاصة من قبل بعض النساء.

6- الشخص المتفوق في الدراسة هو فقط من سيحصل على وظيفة مرموقة.

7- أيضًا على المستوى الاجتماعي مازال البعض يقيم ويتعامل مع الآخرين على أساس المظهر الخارجي كالشكل والجمال ولون البشرة والطبقة الاجتماعية ومنطقة السكن كالقرى أو الأحياء الراقية أو القديمة.

8- بعض الطقوس والممارسات في مناسباتنا الاجتماعية كالزواج والحداد أنها على جادة الصواب وتخلو من الشوائب.

9- مازال البعض يؤمن بأن إرسال رسالة نصية إلكترونية تحتوي على بعض الأدعية أو المعوذات أو الوصفات الشعبية التي ليس لها مصدر أو أساس علمي لعدة أشخاص قادرة على شفائه من كل علة وأن تنهال عليه الثروة من كل جانب حتى ولو لم يبذل أي جهد وإن لم يرسلها ستحل عليه كارثة، وغيرها من أنماط التفكير التي لا يستسيغها العقل بالإضافة إلى نوع آخر من النمطية وهو النمطية الذاتية والروتين المتكرر الذي بتبعه الشخص في حياته دون محاولة التغيير والذي تطرق إليه الدكتور الفاضل محمد الخميس في مقاله القيم السابق (إدارة الصورة الذهنية والنمطية).

ولست هنا بصدد فرض القيود على أفكار الآخرين أو لغرض التعميم فالتعميم يشير إلى عدم الإنصاف لكنه إضاءة لما هو موجود بالفعل عندما يسود التفكير النمطي بين الأفراد يصبح معوقًا لعملية الإبداع  والتقدم في المجتمع والانشغال بأفكار ومعتقدات  عقيمة وعديمة الجدوى بدلًا من التركيز على الأهداف واستغلال القدرات والإمكانات فيما هو بنّاء ومفيد؛ لذا لا ينبغي دائمًا أن ينصب تركيزنا على الجوانب الإيجابية فقط ولكن أيضًا الجوانب السلبية للعمل على تصحيحها وتغيير مسارها فإحدى سمات العصر الحاضر التغير السريع الذي يتطلب امتلاك قدر عالٍ من المعرفة والوعي والتمحيص لكل ما يطرح والانفتاح على كل ما هو جديد واكتشاف ثقافات جديدة وتغيير بعض المفاهيم التقليدية الخاطئة مع الحفاظ على هوية قيمنا ومعتقداتنا الإسلامية الأصيلة، وألا نجعل أنفسنا مقيدين دائمًا بآراء الآخرين وأن نتحلى بالثقة بالنفس والجرأة في إحداث التغيير، هناك  مقولة رائعة للفنان العالمي بيكاسو تقول "أتقن القواعد كمحترف حتى تتمكن من كسرها كفنان"؛ لذا علينا التحرر من صندوق الأفكار النمطية فكما قيل "الصناديق أماكن للتخزين والتكديس وليست للإبداع".

لكل من يقرأ صمم رحلتك الإبداعية وضع علامة فارقة لك كن مختلفًا، كن ذا أثر جميل.

الهوامش:
ويكيبيديا.


error: المحتوي محمي